فصل: تفسير الآيات (10- 13):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولا يخفى أن بين قوله تعالى: {كَانَ الناس أُمَّةً واحدة} الآية، وقوله سبحانه: {وَلَوْ شَاء الله لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحدة} بالمعنى الذي اختاره هنا فيهما نوع تناف فتدبر جميع ذلك والله تعالى الموفق.
{أَمِ اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء} جملة مستأنفة مقررة لما قبلها من انتفاء أن يكون للظالمين ولي أو نصير وكلام الكشاف يومىء إلى أنه متصل بقوله تعالى: {والذين اتخذوا} [الشورى: 6] الخ على معنى دع الاهتمام بشأنهم واقطع الطمع في إيمانهم وكيت وكيت أليسوا الذين اتخذوا من دون الله تعالى أولياء وهو سبحانه الولي الحقيقي القادر على كل شيء وعدلوا عنه عز وجل إلا ما لا نسبة بينه تعالى وبينه أصلًا وإن قوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا} [الشورى: 7] الآية اعتراض مؤكد لمضمون الآيتين، و{أَمْ} على القولين منقطعة وهي تقدر في الأغلب ببل والهمزة، وقدرها جماعة هنا بهما إلا أن بل على القول الثاني للإضراب وعلى القول الأول للانتقال من بيان ما قبلها إلى بيان ما بعدها، والهمزة قيل: لإنكار الواقع واستقباحه، وقيل: لا بل لإنكار الوقوع ونفيه على أبلغ وجه وآكده إذ المراد بيان أن ما فعلوا ليس من اتخاذ الأولياء في شيء لأن ذلك فرع كون الأصنام أولياء وهو أظهر الممتنعات أي بل اتخذوا متجاوزين الله تعالى أولياء من الأصنام وغيرها {فالله هُوَ الولى} قيل: هو جواب شرط مقدر أي إن أرادوا وليًا بحق فالله تعالى هو الولي بحق لا ولي بحق سواه عز وجل، وكونه جواب الشرط على معنى الإخبار ونحوه.
وقال في (البحر): لا حاجة إلى اعتبار شرط محذوف والكلام يتم بدونه، ولعله يريد ما قيل: إنه عطف على ما قبله أو أنه تعليل للإنكار المأخوذ من الاستفهام كقولك أتضرب زيدًا فهو أخوك أي لا ينبغي لك ضربه فإنه أخوك.
وتعقب بأن المعروف في مثله استعماله بالواو وإنما يحسن التعليل في صريح الإنكار، ولا يناسب معنى المضي أيضًا {وَهُوَ يُحْىِ الموتى} أي شأنه ذلك نحو فلان يقري الضيف ويحمي الحريم {وَهُوَ على كُلّ شيء قَدِيرٌ} فهو سبحانه الحقيق بأن يتخذ وليًا فليخصوه بالاتخاذ دون من لا يقدر على شيء ما أصلًا. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قرآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقرى وَمَنْ حَوْلَهَا}.
عطف على جملة {كذلك يُوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله} [الشورى: 3] الخ باعتبار المغايرة بين المعطوفة والمعطوف عليها بما في المعطوفة من كون المُوحَى به قرآنًا عربيًّا، وما في المعطوف عليها من كونه من نوع ما أوحي به إلى الذين من قبله.
والقول في {وكذلك أوحينا} كالقول في {كذلك يوحِي إليك} [الشورى: 3].
وإنّما أعيد {وكذلك أوحينا} ليبنى عليه {قرآنًا عربيًّا} لِما حجز بينهما من الفصل وأصل النظم: كذلك يوحي إليك الله العزيز الحكيم قرآنًا عربيًّا مع ما حصل بتلك الإعادة من التأكيد لتقرير ذلك المعنى أفضل تقرير.
والعدول عن ضمير الغائب إلى ضمير العظمة التفات.
وفي هذا إشارة إلى أنه لا فرق بين ما أوحي إليك وما أوحي إلى مَن قبلك، إلا اختلاف اللّغات كما قال تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [إبراهيم: 4].
والقرآن مصدر: قرأ، مثل: غُفران وسُبحان، وأطلق هنا على المقروء مبالغة في الاتصاف بالمقروئية لكثرة ما يقرأه القارئون وذلك لحسنه وفائدته، فقد تضمن هذا الاسم معنى الكمال بين المقروءات.
و{عربيًّا} نسبة إلى العربية، أي لغة العرب لأنّ كونه قرآنًا يدلّ على أنه كلام، فوصفه بكونه {عربيًّا} يفيد أنه كلام عربي.
وقوله: {لتنذر أم القرى ومن حولها} تعليل ل {أوحينا إليك قرآنًا عربيًّا} لأن كونه عربيًّا يليق بحال المنذَرين به وهم أهل مكّة ومَن حولها، فأولئك هم المخاطبون بالدِّين ابتداء لما اقتضته الحكمة الإلهية من اختيار الأمة العربية لتكون أوّل من يتلقّى الإسلام وينشره بين الأمم، ولو روعي فيه جميع الأمم المخاطبين بدعوة الإسلام لاقتضى أن ينزل بلغات لا تُحصى، فلا جرم اختار الله له أفضل اللّغات واختار إنزاله على أفضل البشر.
و {أم القرى} مكّة، وكنيت: أم القرى لأنها أقدم المدن العربية فدعاها العرب: أم القرى، لأن الأم تطلق على أصل الشيء مثل: أم الرأس، وعلى مرجعه مثل قولهم للراية: أم الحرب، وقولهم: أم الطريق، للطريق العظيم الذي حوله طرق صغار.
ثم إن إنذار أم القرى يقتضي إنذار بقية القرى بالأحرى، قال تعالى: {وما كان ربّك مهلك القرى حتى يبعث في أمّها رسولًا} [القصص: 59]، وتقدم في قوله تعالى: {ولتنذر أم القرى} في سورة الأنعام (92).
والمراد: لتنذر أهلَ أمّ القرى، فأطلق اسم البلد على سكانه كقوله تعالى: {واسألْ القريةَ} [يوسف: 82].
وأهل مكّة هم قريش، وأما من حولها فهم النازلون حولها من القبائل مثل خُزاعة وكنانة، ومن الذين حولها قريشٌ الظواهر وهم الساكنون خارج مكة في جبالها.
والاقتصار على إنذار أمّ القرى ومن حولها لا يقتضي تخصيص إنذار الرّسول صلى الله عليه وسلم بأهل مكة ومَن حولها، ولا تخصيص الرّسول صلى الله عليه وسلم بالإنذار دون التبشير للمؤمنين لأن تعليل الفعل بعلة باعثه لا يقتضي أن الفعل المعلّل مخصص بتلك العلّة ولا بمتعلِّقاتها إذ قد يكون للفعل الواحد عللُ باعثة فإن الرّسول صلى الله عليه وسلم بُعث للنّاس كافة، كما قال تعالى: {وما أرسلناك إلا كافّة للنّاس بشيرًا ونذيرًا} [سبأ: 28].
والاقتصار هنا على إنذار أهل مكّة ومَن حولها لأنهم المقصود بالردّ عليهم لإنكارهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وانتصب {أم القرى} على المفعول به لِفعل {تنذر} بتنزيل الفعل منزلة المعدَّى إلى مفعول واحد إذ لم يذكر معه المنذَر منه وهو الذي يكون مفعولًا ثانيًا لفعل الإنذار.
لأنّ (أنذر) يتعدّى إلى مفعولين كقوله تعالى: {فقل أنذرتكم صاعقةً} [فصلت: 13]، وفي حديث الدجال: «مَا من نبيء إلاّ أنذَر قومَه».
فالمعنى: لتنذر أهل القرى ومن حولها ما يُنذرونه من العذاب في الدّنيا والآخرة.
وقوله: {وتنذر يوم الجمع} أعيد فعل {تنذر} لزيادة تهويل أمر يوم الجمع لأن تخصيصه بالذكر بعد عموم الإنذار يقتضي تهويله، ولأن تعدية فعل {وتنذر} إلى {يوم الجمع} تعدية مخالفة لإنذار أم القرى لأن {يوم الجمع} مفعول ثان لفعل {وتنذر}، أي وتنذر الناس يوم الجمع، فمفعول {وتنذر} الثاني هو المنذر به ومفعول {لتنذر} الأول هو المنذر.
وانتصب {يوم الجمع} على أنّه مفعول ثانٍ لفعل {تنذر} وحذف مفعوله الأول لدلالة ما تقدم عليه، أي وتنذرهم، أي أهل أم القرى يومَ الجمع بالخصوص كقوله: {وأنذرهم يوم الآزفة} [غافر: 18].
ويومُ الجمع: يومُ القيامة، سمي {يوم الجمع} لأن الخلائق تُجمَع فيه للحساب، قال تعالى: {يوم يجمعكم ليوم الجمع} [التغابن: 9].
والجمع مصدر، ويجوز أن يكون اسمًا للمجتمعين كقوله تعالى: {هذا فَوْجٌ مقتحمٌ معكم} [ص: 59]، أي يوم جماعة النّاس كلهم.
وجملة {فريق في الجنة} مستأنفة استئنافًا بيانيًا، وعطفت عليها جملة {وفريق في السعير} فكان الجملتان جوابًا لسؤال سائل عن شأن هذا الجمع إن كان بمعنى المصدر.
فقيل: فريق في الجنّة وفريق في السعير، أي فريق من المجموعين بهذا الجمع في الجنّة وفريق في السعير، أو لسؤال سائل عن حال هذا الجمع إن كان الجمعُ بمعنى المجموعين.
والتقدير: فريق منهم في الجنّة وفريق منهم في السعير.
وتقدم السعير عند قوله تعالى: {كُلَّمَا خبت زدناهم سعيرًا} في سورة الإسراء (97).
وسوغ الابتداء ب {فريق} وهو نكرة لوقوعها في معرض التفصيل كقول امرىء القيس:
فأقبلتُ زحفًا على الركبتين ** فثوبٌ لبِستُ وثوبٌ أَجُرّ

وجملة {لا ريب فيه} معترضة بين البيان والمبيَّن.
ومعنى {لا ريب فيه} أن دلائله تنفي الشك في أنه سيقع فنزّل ريب المرتابين في منزلة العدم لأن موجبات اليقين بوقوعه بينة كقوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه} في سورة البقرة (2).
وظرفية الريب المنفي في ضمير اليوم في قوله: {لا ريب فيه} من باب إيقاع الفعل ونحوه على اسم الذات، والمراد: إيقاعه على بعض أحوالها التي يدل عليها المقام مثل {حُرِّمت عليكم الميتة} [المائدة: 3]، أي أكلُها، أي لا ريبَ في وقوعه.
وجملة {فريق في الجنة} الخ معترضة و{فريق} خبر مبتدأ محذوف على طريقة الحذف المتابع فيه الاستعمال كما سماه السكاكي، أي هم فريق في الجنّة. إلخ.
{وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}.
عطف على جملة {فريق في الجنة وفريق في السعير} [الشورى: 7].
والغرض من هذا العطف إفادة أن كونهم فريقين أمرٌ شاء الله تقديره، أي أوجد أسبابه بحكمته ولو شاء لقدّر أسباب اتحادهم على عقيدة واحدة من الهُدى فكانوا سواء في المصير، والمراد: لكانوا جميعًا في الجنّة.
وهذا مسوق لتسلية الرّسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على تمنّيهم أن يكون النّاس كلّهم مهتدين ويكون جميعهم في الجنّة، وبذلك تعلم أن ليس المراد: لو شاء الله لجعلهم أمّة واحدة في الأمرين الهُدى والضلال، لأن هذا الشقّ الثاني لا يتعلق الغرض ببيانه هنا وإن كان في نفس الأمر لو شاء الله لكان.
فتأويل هذه الآية بما جاء في قوله تعالى: {ولو شيءنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حقّ القول مني لأملان جهنم من الجنّة والنّاس أجمعين} [السجدة: 13] وقوله: {ولو شاء ربُّك لآمَنَ مَنْ في الأرض كلّهم جميعًا أفأنت تكره النّاس حتى يكونوا مؤمنين} [يونس: 99].
وقد دلّ على ذلك الاستدراكُ الذي في قوله: {ولكن يدخل من يشاء في رحمته} أي ولكن شَاء مشيئةً أخرى جرت على وفق حكمته، وهي أنْ خلقهم قابلين للهدى والضلال بتصاريف عُقولهم وأميالهم، ومكَّنهم من كسب أفعالهم وأوضح لهم طريق الخير وطريق الشر بالتكليف فكان منهم المهتدون وهم الذين شاء الله إدخالهم في رحمته، ومنهم الظالمون الذين ما لهم من ولي ولا نصير.
فقوله: {يدخل من يشاء في رحمته} أحدُ دليلين على المعنى المستدرَك إذ التقدير: ولكنه جعلهم فريقين فريقًا في الجنّة وفريقًا في السعير ليدخل من يشاء منهم في رحمته وهي الجنة.
وأفهم ذلك أنّه يدخل منهم الفريق الآخر في عقابه، فدلّ عليه أيضًا بقوله: {والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير} لأن نفي النصير كناية عن كونهم في بؤس وضُر ومغلوبية بحيث يحتاجون إلى نصير لو كان لهم نصير، فيدخل في الظالمين مشركو أهل مكّة دخولًا أوليًّا لأنهم سبب ورود هذا العموم.
وأصل النظم: ويُدخل من يشاء في غضبه، فعُدِل عنه إلى ما في الآية للدلالة على أن سبب إدخالهم في غضبه هو ظلمهم، أي شركهم {إن الشرك لظلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13] مع إفادة أنّهم لا يجدون وليًّا يدفع عنهم غضبه ولا نصيرا يثْأر لهم.
وضمير (جعلهم) عائد إلى فريق الجنّة وفريق السعير باعتبار أفراد كل فريق.
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ (9)}.
{أمْ} للإضراب الانتقالي كما يقال: دَع الاهتمامَ بشأنهم وإنذارَهم ولنعُدْ إلى فظاعة حالهم في اتخاذهم من دون الله أولياء.
وتُقَدَّر بعد {أمْ} همزة استفهام إنكاري.
فالمعنى: بل أأتخذوا من دونه أولياء، أي أتوا منكرًا لَمَّا اتخذوا من دونه أولياء.
فضمير {اتخذوا} عائد إلى {الذين اتخذوا من دونه أولياء} [الشورى: 6] في الجملة السابقة.
والفاء في قوله: {فالله هو الولي} فاء جواببٍ لشرط مقدر دلّ عليه مقام إنكار اتخاذِهم أولياء من دون الله، لأن إنكار ذلك يقتضي أن أولياءهم ليست جديرة بالوَلاية، وأنهم ضلّوا في ولايتهم إياها، فنشأ تقدير شرط معناه: إنْ أرادوا وَليًّا بحقَ فالله هوَ الوليّ.
قال السكاكي في (المفتاح): وتقديرُ الشرط لقرأئننِ الأحوال غيرُ ممتنع قال تعالى: {فَلَمْ تقتلوهم ولكنّ الله قتلَهم} [الأنفال: 17] على تقدير إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم، وقال: {فالله هو الولي} على تقدير: إن أرادوا وليًّا بحق فالله هو الوليّ بالحق لا وليّ سواه.
والمراد بالوِلاية في قوله: {أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي}، وِلايةُ المعبودية، فأفاد تعريفُ المسند في قوله: {فالله هو الولي} قصرَ جنس الولي بهذا الوصف على الله، وإذ قد عبدوا غير الله تعيّن أن المراد قصرُ الوِلاية الحَقّ عليه تعالى.
وأفاد ضمير الفصل في قوله: {فالله هو الولي} تأكيدَ القصر وتحقيقَه وأنه لا مبالغة فيه تذكيرًا بأن الولاية الحقَّ في هذا الشأن مختصة بالله تعالى.
وهذا كلّه مسوق إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين تسلية وتثبيتًا وتعريضًا بالمشركين فإنهم لا يَخلُون من أن يسمعوه.
وعطفُ {وهو يحيي الموتى} على جملة {فالله هو الولي} إدماج لإعادة إثبات البعث ترسِيخًا لعلم المسلمين وإبلاغًا لمسامع المنكرين لأنّهم أنكروا ذلك في ضمن اتخاذهم أولياء من دون الله، فلمّا أُبطل معتقدهم إلهية غير الله أُردف بإبطال ما هو من علائق شركهم وهو نفي البعث، وليس ذلك استدلالًا عليهم لإبطال إلهاية آلهتهم لأن وقوع البعث مجحود عندهم.
فأما عطف جملة {وهو على كل شيء قدير} فهو لإثبات هذه الصفة لله تعالى تذكيرًا بانفراده بتمام القدرة، ويفيد الاستدلال على إمكان البعث قال تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} [الروم: 27]، ويفيد الاستدلالَ على نفي الإلهاية عن أصنامهم لأن من لا يَقْدر على كل شيء لا يصلح للإلهاية: قال تعالى: {أفَمَنْ يخلُق كمَن لا يخلق} [النحل: 17] وقال: {لا يخلقون شيئًا وهم يُخْلَقون} [النحل: 20] وقال: {وإنْ يسلِبْهم الذُّبابُ شيئًا لا يستنقذوه منه} [الحج: 73].
والغرض من هذا تعريض بإبلاغه إلى مسامع المشركين.
ولما كان المقصود إثباتَ القدرة لله تعالى عطفت الجملة على التي قبلها لأنها مثلُها في إفادة الحكم، وكانت إفادة التعليل بها حاصلة من مَوقعها عقبَها، ولو أريد التعليل ابتداء لفُصلت الجملة ولم تعطف. اهـ.

.تفسير الآيات (10- 13):

قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْء فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإليه أُنِيبُ (10) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) لَهُ مَقاليدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ (12) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إليه اللَّهُ يَجْتَبِي إليه مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي إليه مَنْ يُنِيبُ (13)}.